وفي سورة الأَعراف: "فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ" (?).
والرجفة هي الزلزلة، والصيحة من توابعها، فإِن الزلزلة تحدث تموجًا في الهواء شديدًا يفضى إِليها. وكانت صيحة هلاكهم في صباح اليوم الرابع بعد تمتعهم ثلاث أَيام كما أَوعدهم الله على لسان نبيهم صالح عليه السلام في سورة هود: "فَقَالَ تَمَتَّعُوا فِي دَارِكُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ" (?).
والفاء في قوله تعالى:
84 - (فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ):
لترتيب عدم الإِغناء والنفع، على ما أَصابهم حين نقول بهم قضاء الله الذي لا مرد له.
والمعنى: فما دفع عنهم وما منعهم من عذابه تعالى ما كانوا يكسبونه من تحت البيوت الوثيقة وجمع الأَموال الوفيرة، مع كثرة العدَد والعُدد، بل خروا في ديارهم هلكى خامدين كأن لم يكونوا بالأَمس.
هذا، وقد روى الشيخان وغيرُهما عن ابن عمر رضى الله عنهما أَن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأَصحابه: لا تدخلوا على هؤلاء القوم إِلا أَن تكونوا باكين، فإِن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم، أَن يصيبكم مثلُ ما أَصابهم. ورويا معنه أَيضًا أَن النبي صلى الله عليه وسلم لما نزل الحجر أَرض ثمود في غزوة تبوك، أَمرهم ألا يشربوا من مائها ولا يستقُوا منها، فقالوا: قد عَجَنَّا منها واستقينا! فأَمرهم أَن يطرحوا العجين ويهريقُوا ذلك الماء. وفي رواية: فأَمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَن يُهريقوا ما استقوا من بئرها وأَن يَعلفوا الإِبل العجين، وأَمرهم أَن يستقوا من البئر التي كانت تردها الناقة. قال العلماءُ: وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم موضع هذه البئر من طريق الوحى.