ولعل في تقديمه سبحانه الوعد على الوعيد -مع زيادة في تأْكيد الوعد- تنبيهًا على هذا الفضل.
ولما أَجمل الله سبحانه وعده ووعيده في الآيتين السابقتين، فصّل بعض ما أَجمل في الآيات التالية فذكر طائفة من أَنباءِ رحمته وعذابه مما وقع في هذه الدار، عبرة وتذكرة لما يكون في الدار الآخرة، ساقها سبحانه ممثلة في قصة خليله إِبراهيم وبشارته، ونبيه لوط ونجاته، وأَصحاب الأَيكة وأَصحاب الحجر، وما حل بهم جميعًا من عذاب لا تزال آثاره باقية مرئية. وبدأَ بقصة أَبي الأَنبياءِ صلوات الله وسلامه عليهم، فقال آمرًا نبِيه صلى الله عليه وسلم:
51 - (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ): أَي أَخبر أُمتك أَيها النبي عن ضيف إِبراهيم خليله؛ ليعتبروا بما جرى له ولابن أَخيه لوط عليهما السلام من البشرى في تضاعيف الخوف -على ما يأْتى بيانه- والمراد بضيف إِبراهيم: رسل من الملائكة أَرسلهم الله تعالى في صور بشر إِلى قوم لوط ليهلكوهم، ومروا في طريقهم بإِبراهيم ليبشروه بغلام عليم، وبهلاك القوم المجرمين -وهم- على ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما -جبريل وملكان معه، وقيل أَكثر من ملكين، على خلاف بين المفسرين، مع اتفاقهم على أَن جبريل عليه السلام أَولهم. وكانوا في صور شبان حسان الوجوه.
وقد تقدمت قصتهم في سورة هود في قوله تعالى: "وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيمَ بِالْبُشْرَى قَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ" الآيات (?). وتأْتى في سورة الذاريات في قوله تعالى: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ * إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ (?) ". الآيات.