وحدانية الله وقدرته وكماله، لعلهم يتركون الشرك الذي حملهم على تكذيب النبوة المؤسسة على التوحد.
والمعنى: ولقد خلقنا في جهة السماءِ منازل تتنقل فيها الكواكب والنجوم على نظام فائق لا يختلف ولا يضطرب، وجعلناه بحيث تترتب عليه مصالح البشر في معاشهم، وزينا السماءَ لمن ينظر إِليها ويتأَمل في زينتها وجمالها وإِحكامها وتماسكها في الفضاء بقدرة مبدعها، ووظائفها التي أَنشأَها الله من أجلها، لينتقل الناظر من رؤيتها إِلى التفكير في عظمة مبدعا ووجوب اتصافه بالوحدانية، وتنزهه عن الشريك والنظير.
7 - (وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ):
أَي وحفظنا السماءَ من كل شيطان مطرود من رحمة الله، فلا سبيل له ولا لذريته إِليها بعد أَن أَهبطه الله عقابًا على امتناعه عن السجود لآدم بعد ما أَمره الله به، وقد استثنى الله بعضهم بقوله:
18 - (إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ):
أَي أَنه تعالى حفظ السماءَ من الشياطين إِلا من اتجه نحوها واختلس بعض الكلام المسموع الذي يجرى بين أَهل الملإ الأَعلى من الملائكة، فإنه لا يمكنُ من الاستمرار في استماعه واستراقه، بل يتبعه شهاب بيِّنٌ واضح فيقتله أَو يخبله، وفي ذلك يقول الله في سورة الصافات: "إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ" (?) والشهاب من الشهبة، وهي بياض مختلط بسواد وليست بالبياض الصافى، والشهب أجزاءُ حجرية انفصلت عن الكواكب وجعلت تدور في الفضاءِ، فإِذا وصلت إِلى جاذبية الأَرض جذبتها إِليها بسرعة خارقة فتشتعل وتتوهج باحتكاكها الشديد بالغلاف الجوى المشتمل على الأُوكسجين الذي يساعد على الاحتراق، وهو من الظواهر الكونية القديمة، وقد كان الكهان ينتفعون بما ينقله الشياطين إِليهم من أَخبار الأَرض التي تجرى في الملاءِ الأَعلى، فيكتسبون قداسة في نظر أَتباعهم إِذا حدثوهم عن الغيوب المنتظرة التي عرفوها من الشياطين المسترقين للسمع، فوقعت كما أَخبروهم بها فلما بعث نببنا محمد صلى الله عليه وسلم، اشتدت حراسة السماءِ