وأَعاد بعضهم الضمير في نسلكه على الاستهزاءِ وما نشأَ عنه من الضلال والكفر، ومعنى الآيتين على هذا ما يلى:
أَي كما سلكنا الضلال والكفر والاستهزاءَ في قلوب الكافرين برسلهم قبلك، نسلكه في -قلوب المجرمين من أُمتك يا محمد. لا يؤمنون بسبب ذلك، وقد مضت سنة الأَولين في الكفر والاستهزاءِ وهى مماثلة لهم، وأَنت بها عليم فلا تحزن، أَو مضت سنتهم في الإِهلاك فليحذر قومك مثل مصيرهم.
ثم بين الله تعالى أَن اقتراح قريش نزول الملائكة ليس بغرض الاهتداءِ بل هو للعناد والمكابرة فقال:
{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ (14) لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ (15)}
المفردات:
(يَعْرجُونَ): يصعدون، والمعارج. المصاعد. (سُكرَتْ أَبْصَارُنَا): أي حُيِّرتَ، من السُّكْر ضد الصحو -كما قال عمرو بن العلاء- أَرادوا أَنها فسدت، واعتراها خلل كما يعترى عقل السكران فيختل إِدراكه، وهذا المعنى قريب من تفسيرها بِخُدِعتْ وقيل: تسكير الأَبصار إِغلاقها أَو تغطيتها.
التفسير
14 - (وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ):
أي ولو فتحنا على كفار مكة بابًا من السماءِ، ومكناهم من الصعود فيه، فصاروا يعرجون ويصعدون فيه بآلة أَو بغيرها، وهم يرون ما في السماءِ من الملائكة والعجائب في وضوح واستبانة.