مكية وآياتها تسع وتسعون
أَما أَنها مكية فقد أَخرجه ابن مردويه عن ابن عباس وابن الزبير رضي الله عنهم، كما روى عن قتادة ومجاهد، واستثنى الحسن قوله تعالى: "وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87) ". وقوله سبحانه: "كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ 90 - 91". ذكره صاحب مجمع البيان.
وأَما أَنها تسع وتسعون آية فبالإِجماع كما نقله الدَّانى والطبرسى.
وتناسب سورة إِبراهيم التي قَبلها في أَنها مثلها في كونها مكية مفتتحة بأَسماء بعض حروف المعجم، وقد جاء في كلتيهما النهي عن الكفر والوعيد بالعقاب عليه، والحث على الإِيمان والوعد بالثواب عليه، وتسلية الرسول صلى الله عليه وسلم عما أَصابه من قومه، إِلى غير ذلك من المناسبات التي جمعت بينهما.
وقد اشتملت هذه السورة على مقاصد عظيمة، أَهمها ما يلي:
1 - أَنها ابتدأَت بالإِشارة بآيات القرآن المبين، وبينت أَن من كفروا سوف يتمنون أَن لو كانوا مسلمين، وأَمرت النبي أَن يتركهم يتمتعون ويلهيهم الأَمل فسوف يعلمون العاقبة السيئة لانصرفهم عن الحق، وذلك في وقت معلوم لله، لا يتأَخرون عنه ولا يتقدمون.
2 - أَنهم لما سفهوا على الرسول بوصفهم إياه بالجنون، لأَنه لم يأْتهم بالملائكة تؤيده وتبلغهم عن الله نَبَّهَتْهم هذه السورة إِلى أَن الملائكة لا تنزل إِلا بحكمة، وليس منها أَن تكون رسولا عن الله إِليهم، فإِنهم يهلكون بمشاهدتهم لها على صورها الحقيقية ولا يُنْظَرُون، أَو يهلكون عقابا على كفرهم بعد مجيء الآية التي اقترحوها، كما جرت عادته تعالى في الأُمم قبلهم، وأَرشدتهم إِلى أَنه تعالى هو الذي نزَّل على محمد معجزة الذكر وهو القرآن، وأَنه حافظ له من كل ما يقدح فيه ليظل معجزة الإِسلام ما بقى الزمان.