21 - (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا):
إِما لمكذبى الرسل، لأَن الكلام لهم كما تقدم بيانه، وبهذا قال كثير من المفسرين وفي مقدمتهم الإِمام الطبرى، وإما للمصدقين والمكذبين جميعا، فإِن الحشر يوم القيامة للعباد جميعا، مؤمنهم وكافرهم، وبهذا قال أَكثر المفسرين، ومنهم ابن كثير إذْ قال الآية: (وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا): أَي برزت الخلائق كلها؛ برُّها وفاجرها لله الواحد القهار، أَي اجتمعوا له في بَراز من الأَرض، وهو المكان الذي ليس فيه شَيء يستر أَحدًا ومعنى بروزهم لله: ظهورهم من قبورهم لحساب الله تعالى وجزائه.
ولما كان هذا البروز أَمرًا متحققًا كائنًا لا محالة، عبر عنه بصيغة الماضى، كأَنه وقع فعلا ودخل في دائرة الوجود، وإِن كان لا يزال مستقبلا واقعًا بعد الموت؛ أَو لأَنه لا مضى ولا استقبال بالنسبة إِليه سبحانه، ومن هذا قوله تعالى: "وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ (?) ". وقوله: "أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ (?) ".
(فَقَالَ الضُّعَفَاءُ) جمع ضعيف. والمراد بهم ضعاف الرأْى، وهم الأَتباع، قالوا!
(لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا): أَي لرؤَسائهم الذين استتبعوهم واستغْوَوْهم:
(إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا): في تكذيب الرسل عليهم السلام، والإِعراض عن نصائحهم، وكلما أَمرتمونا ائتمرنا وفعلنا، والاستفهام في قولهم:
(فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ): للتوبيخ والتقريع، أَي فهل أَنتم اليوم دافعون عنا شيئًا من عذاب الله، كما كنتم تعدونَنَا وتمنوننا في الدنيا؟!