(فَأَوحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ):

أي فأَوحَى إِلى الرسل ربهم ومالك أَمرهم تثبيتا للمؤمنين ووعيدا للكافرين قائلًا:

(لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ): أَي لنقتلنَّ الذين ظلموا أَنفسهم بشركهم، وظلموا الرسل والمؤمنين بتكذيبهم وإِيذائِهم -لنهلكنهم- أن استمروا على كفرهم وعنادهم، ثم أَكمل الله وعيده للكافرين ووعده للمؤمنين بصيغة التوكيد فقال سبحانه:

14 - (وَلَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ... (?)) الآية.

أَي ولنسكنكم أَيها المؤمنون أَرض هؤلاءِ الكافرين بعد إِهلاكهم، عقوبة لهم في الدنيا على قولهم لرسلهم: "لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا". وتلك سنة الله في رسله وعباده المؤمنين، أَلا ترى إِلى قوله تعالى: "وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا". وإِلى قوله جل سلطانه "وَإِنْ كَادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الْأَرْضِ لِيُخْرِجُوكَ مِنْهَا وَإِذًا لَا يَلْبَثُونَ خِلَافَكَ إِلَّا قَلِيلًا، سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا وَلَا تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلًا (?) ".

(ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ): أَفادت هذه الجملة أَنه تعالى جرت سنته مع رسله ومن آمن بهم أَن ينصرهم على من كفر بهم، ويسكنهم الأَرض من بعد إِهلاكهم.

والمعنى: ذلك الذي مَرَّ بيانه من إِهلاك الظالمين، وإِسكان المؤمنين أَرضهم وديارهم أَمر ثابت لكل من خاف موقفى الذي يقف به العباد بين يدىَّ للحساب يوم القيامة، أَو خاف قيامى عليه بحفظ أَعماله ومراقبتى إِياه، فإِنى قائم على كل نفس بما كسبت، وذلك أَيضًا لمن خاف وعيدى بالعذاب للكفرة والعصاة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015