(يُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَنُفَضِّلُ بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ فِي الْأُكُلِ):

هذه الجملة مستأْنفة للتعجب من قدرة الله تعالى فيما يبدعه في عالم البساتين، حيث بينت أَن هذا النبات والشجر على اختلاف أَنواع كل منهما يسقى بماءٍ واحد في أَرض متجاورة ومتشابهة في التربة والجو، ولكن الثمرات متنوعة في الطعم والشكل واللون والرائحة، وربما كان ذلك في الشجرة الواحدة ولا شك أَن هذا ناشئٌ من أَن وراءَ الطبيعة ربا حكيمًا، هو الذي ينوع النواميس والطبائع ويبدع غير المأْلوف، ويخالف المأْلوف ليعرفه عباده بما يبدعه لهم من هذه المؤتلفات والمختلفات، ولو كانت الطبيعة هي الفاعلة لما وقع هذا الاختلاف، بل لما وجد من ذلك شىءٌ فإِن الطبيعة لا عقل لها ولا إِرادة، ولهذا عقب الله تلك الجملة بقوله:

(إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ):

إِن في هذا التنوع والتَّعدُّد -مع وحدة الأَصل والبيئة- لعلامات وشواهد يدركها أَصحاب العقول الراجحة فيعلمون أَن من ورائها قدرة الخلاق العظيم الذي أَحسن كل شيءٍ خلقه، فيؤْمنون وينقادون إِليه ويعبدونه على الوجه اللائق بما له من عظمة وجلال.

{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (5)}

المفردات:

(وَإِنْ تَعْجَبْ): العجب والتعجب كلاهما يستعمل على وجهين:

أَحدهما فيما يستحسن ويحمد. والثانى فيما يكره وينكر.

(الْأَغْلَالُ): جمع غُل بضم الغين. وهو طوق من حديد أَو غيره يوضع في العنق أَو في اليد فتشد به إِلى العنق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015