التفسير
(وَلَمَّا فَتَحُوا مَتَاعَهُمْ وَجَدُوا بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ):
بيَّنت الآيتان الآيتان السابقتان أَن إِخوة يوسف لما رجعوا من مصر بالطعام إِلى أَبيهم، أَخبروه بأَن العزيز طلب منهم أَخًا لهم من أَبيهم جاءَ ذكره في حديثهم معه، وأَنه منع منهم الطعام في المستقبل إِن لم يأتوه به، وأَن أَباهم ذكر لهم أَنهم لم يحدث منهم ما يوجب الثقة بهم وائتمانهم على شقيق يوسف بعد أَن فجعوه في يوسف، وذكر لهم أَن الله هو الحافظ الرحيم، يكنى بهذه العبارة عن مخاوفه منهم على بنيامين، وأَنه يستعين بالله عليهم وجاءَت هذه الآية وما بعدها لتبين أَنهم أَقنعوه بكرم عزيز مصر حيث أَعطاهم الطعام، ورد إِليهم الثمن، وأَنهم سيزدادون به قيل بعير وأَن أَباهم وافقهم على إِرساله معهم، بعد أَن أَعطوه موثقا من الله برده إِليه.
والمعنى: ولما فتحوا أَوعية طعامهم وجدوا بضاعتهم التي دفعوها ثمنا للطعام بمصر قد ردت إِليهم، حيث وضعت دون علمهم في رحالهم ففوجئوا بها في أَوعية طعامهم، فماذا قالوا لأَبيهم؟
(قَالُوا يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا):
قال إِخوة يوسف لأَبيهم لكي يوافق على إِرسال بنيامين معهم أَي شيءٍ نطلبه ليكون شاهدا على أَن سفر بنيامين معنا سيكون سببا في خير يأْتينا في هذه المجاعة، أَي شيءٍ نطلبه وراءَ هذا أَكرمنا وَوَفَّى لنا الكيل، ورد علينا الثمن الذي هو بضاعتنا، فكيف لا نستجيب لطلبه ونجيئه بأَخ لنا من أَبينا؟
(وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذَلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ):
أَي هذه بضاعتنا التي كنا نريد دفعها ثمنا للطعام ردَّها إِلينا العزيز نستعين بها ونَمِير أَهلنا أَي نجلب الطعام إِليهم مرة أُخرى ونحفظ أَخانا في هذه المرة حتى لا يصيبه مكروه، لأَنَّا لَن نشغل عنه باللهو واللعب، ونزداد بحضور بنيامين معنا وزن بعير يكال لنا من أَجله، زائدا على أَوساق أَبَاعِرنَا وأَحمالها ذلك الكيل الزائد الذي نطلبه من أَجل بنيامين قيل يسير على عزيز مصر وسهل عليه، فلا يخيبنا في طلبه فأَى شيءٍ نبغى وراءَ هذه الأَغراض المشتملة على إِطعام أَهلنا