ومما يلاحظ في هذه السورة الكريمة أنها تصور الفضائل في أَسمى صورها مثل: صبر يعقوب على فراق يوسف ثم فراق أخيه، وصبر يوسف على ما قاساه من تعرض للهلاك بعد الأمان في حضن أبويه، وما عاناه من عبودية بعد الحرية, وما تعرض له من ظلم في غيابة السجن دون ذنب جناه.
ومن الفضائل الكبرى في القصة: العفة في أسمى صورها في يوسف عليه السلام، مع وفرة عوامل الإغراء والإغواء في شرخ الشباب، ومن الفضائل الكبرى التي أَبرزتها أيضا الثقة بالله وآثارها فإن يعقوب لم يفقد ثقته به، ولم يقنط من رحمته، ويوسف لم ييئس - وهو في قرارة السجن - من الفرج، وظل ثابت الإِيمان يدعو إِلى الله ويعتصم بتقواه، حتى بدل الله حالهما إلى أحسن حال.
كما أبرزت القصة فضيلة العفو والصفح الجميل الصادر من يوسف لإِخوته والاستغفار من يعقوب لأبنائه، ومقابلة الإِساءة بالإِحسان.
وكما صورت القصة الفضائل في أسمى صورها صورت أَيضا الرذائل في أبشع مظاهرها حيث صورت حقد إخوة يوسف عليه، وارتكابهم ما آذى أَباهم أَشد الإِيذاء، وما عرض أخاهم للهلاك، كما صورت استهتار زوجة العزيز وإصرارها كل الإصرار على الخيانة الزوجية وإنها لم تكترث بسوء القالة في حقها، ولما لم يستحب يوسف لرغبتها، أغرت به زوجها العزيز وحرضته على إلقائه في السجن ظلما وعدوانا.
وقد بينت سورة يوسف كما بينت سورة هود أن العاقبة للمتقين، كما بينت أن مع العسر يسرا وأن لكل شدة نهاية، وأَن الله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.