والمعنى: وأدِّ الصلاة بأركانها وشروطها في طرفى النهار - الغداة والعشى - فأَما صلاة الغداة فهى الصبح، وأَما صلاة العشى، فهى الظهر والعصر، وأقم الصلاة أَيضا في ساعات من أول الليل، بأن تؤدى صلاتي المغرب والعشاء وبهذا التأويل تضمنت الآية الكريمة الصلوات الخمس التي كلف الله بها عباده المؤْمنين يوميا.
قال القرطبى: لم يختلف أحد من أَهل التأويل في أَن الصلاة في هذه الآية يواد بها الصلوات المفروضة وخصها بالذكر لأنها ثانية الإيمان وإليها يفزع في النوائب - وكان النبي صلى الله عليه وسلم إِذا حزبه أمر فزعَ إلى الصلاة. اهـ.
{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ}:
هذا التعقيب تعليل للأمر السابق بأداءِ الصلاة، يشير إِلى أن الحسنات وعلى رأسها الصلاه تكفر السيئات وتذهب الآثام. فإِذا حدث من المؤمن انحراف عن الاستقامة , أو ميل إلى الطغيان، أو جنوح إلى الظالمين، وذكر المؤمن ربه وتاب وأَناب, وفزع إلى الصلاة, غفر الله له ما ارتكبه من آثام فإِن الصلاة كما تنهى عن الفحشاء والمنكر تطهر النفوس من الأدران والأَوشاب.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أرأَيْتُمْ لَو أنَّ نَهْرًا بِبَابِ أحَدِكُمْ يغْتَسِل فِيه كل يَوْم خَمسًا، مَا تَقُولُ: يُبْقى ذَلِكَ مِنْ دَرَنه؟ قَالُوا لَا يُبْقى مِنْ دَرَنِهِ شَيْئًا، قَالَ فَذَلِكَ مَثلُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ يَمْحُو اللهُ بِهَا الخَطَايَا".
أخرجه البخاري في كتاب مواقيت الصلوات عن أَبي هريرة.
وجاءَ في سبب نزول هذه الآية "عن ابن مسعود أَن رجلا أصاب من امرأة قبلة حراما. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم. فسأله عن كفارتها فنزلت فقال الرجل أَلِىَ هذه يا رسول الله؟ قال لك ولمن عمل بها من أمتي" أَخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.
وفي معنى الآية يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "اتَّق اللهَ حَيْثما كنتَ وأَتبع السيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحها وَخَالِقِ النَّاس بِخُلق حَسَن" رواه أحمد والترمذى والحاكم والبيهقي.