يا محمد باختلاف قومك فيما آتيناك من القرآن، وقولهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جَاءَ مَعَهُ مَلَكٌ} وزعمهم أنك افتريته، فالكفر كله ملة واحدة.

وإِذا كان الله تعالى لم يعجل عقوبتهم في الدنيا بالاستئصال، فلن يفلتوا من العقاب في الآخرة بأَشد العذاب، حيث سبقت كلمته بتأجيل عقابهم إليها لحكم يعلمها، وفي ذلك يقول الله تعالى:

{وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ}:

أي ولولا قضاء سبق من ربك يا محمد بتأجيل عقوبة قومك المختلفين عليك إلى يوم القيامة لقضى بينهم بتعجيل عقوبتهم على كفرهم، وإنجاء المؤمنين منه ليتميز المحقون من المبطلين.

وقيل إن الكلام في قوم موسى, والمعنى: لقضي بينهم بعقابهم عاجلًا على اختلافهم في أمر التوراة. ويبعد هذا الرأي أن الآية مسوقة لتسلية الرسول على اختلاف قومه عليه، بما حدث لموسى من اختلاف بني إسرائيل علية، ولبيان أَن عقوبة قريش على كفرهم به مؤجلة في علم الله الوعيد، ولولا ذلك لعجل بها لهم.

{وإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ}:

أَي وإن قومك يا محمد لفي شك من القرآن موقع في حيرة لهم، ولو أنصفوا لبادروا إلى الإيمان به، فإن مبعث ريبهم هو استمساكهم بدين الآباءِ وتعصبهم له، وعدم إصغائهم إلى الناصح الأمين (?).

ويصح أن يكون المعنى: وإِنهم لفي شك من تعذيبهم على كفرهم مقلق لنفوسهم وقد أخطئوا في هذا الشك، كما يشير إِليه قوله تعالى:

111 - {وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا (?) لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ}:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015