قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "مَا يُصِيبُ الْمُسِلمَ من نَصَبٍ وَلَا وَصَب، وَلا هَمٍّ وَلَا حَزَنٍ، ولا أَذى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَة يُشَاكها إلَّا كَفَّرَ الله بِهَا مِنْ خَطَايَاه" (?). وقد جرت سنة الله تعالى، أن لا يديم الضر على عباده، بل يكشفه عنهم، كما يشير إليه قوله تعالى: {سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} (?).
{وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}:
والمعنى: أَنه - تعالى - إن يرد عبده بخير من فضله، فلن يستطيع أحد منع هذا الخير عنه، فإن إرادته - جل وعلا - نافذة، وفضله سبحانه لا يستطيع أَن يرده أحد من خلقه.
وكما يكون الضرُّ ابتلاءً من الله لعباده لإظهار مدى إِيمانهم وصبرهم، يكون الخير كذلك لإظهار مدى شكرهم لله وإقبالهم عليه - تعالى ـ قال سبحانه: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (?) وقد يكون الخير تكريمًا من الله لعباده الصالحين، وتعجيلا بنصيب من الثواب في الدنيا قال تعالى: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} (?). وكما قال سبحانه: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} (?).
{وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}: أَي والله - سبحانه وتعالى - عظيم المغفرة واسع الرحمة.
يفسح لعباده مجال التوبة والاستغفار قبل أَن ينزل بهم العقاب، فإنه - سبحانه -: {أَهْلُ التَّقْوَى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ} (?). ومن فضل الله ورحمته أنه يتجاوز عن كثير من السيئات، كما قال عز وجل: {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} (?). ولا يؤاخذهم عاجلا بما كسبوا، كما قال سبحانه: {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} (?).
وكما قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُوالرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} (?).