في شأن فرعون وملئه فأهلكتهم وأموالهم لأنهم استمروا على عنادهم، فلم يؤمنوا إلا عند اليأْس من الحياة حين أدركهم الغرق، فلم يقبل الله إيمانهم.
وقد ذكر الله تعالى أنه أَجاب دعاء موسى وأخيه، مع أَن موسى هو الذي دعا على الصغاة لأن هارون كان يقول عند دعاءِ موسى: آمين كما دلت عليه الآثار. ومعناه: استجب يا ربنا فكلاهما طلَبَ الإجابة - طلبها موسى بلفظ الدعاء وطلبها هارون بمضمونه فلا تعارض بين إشراكهما في الإجابة وانفراد موسى بالدعاء.
وبعد أن طمأنهما الله - تعالى - على إجابة دعائهما أمرهما بالثبات على طريق الحق المستقيم ضمانا لنصرهما فقال - تعالى -: {فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}: أي فاستمرا على طريق الحق طريق الطاعة والعبادة والدعوة إِلى التوحيد، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحجة على أَعداءِ الله، ولا تسيرا في طريق الجهلاءِ الذين لا يعلمون باستعجال العذاب قبل أوانه، فإنَّ ما طلبتماه سيتحقق في وقته المقدر له وفقا لقضاءِ الله المحكم وحكمته البالغة.
{وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ وَجُنُودُهُ بَغْيًا وَعَدْوًا حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ
آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوإِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ (90) آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ
وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ (91) فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ
عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ}.