وقد جاءَ في طيب أَصله من رواية الإِمام مسلم بسنده عن وائلة بن الأَسقع قال:
"سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إِنَّ اللهَ اصْطَفَى كِنَانَةَ مِن وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ واصْطَفَى قُرَيْشًا مِن كنانَة، واصْطَفَى مِن قُريْشٍ بَنِى هاشِمٍ، وَاصْطَفَانِى مِنْ بَنِى هَاشِمٍ".
ويرى بعض المفسرين أَن الخطاب في قوله تعالى:
(لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ. . .) الآية.
للناس عامَّة، لأَن بعثته صلَّى الله عليه وسلَّم عامَّة لجميع الناس في جميع العصور، لقوله تعالى: "وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ".
والمعنى: لقد جاءَكم أَيها الناس رسول من أَنفسكم أَي من جنسكم فهو بشر مثلكم إِذ لو كان من الملائكة، لضعفت قُوَّة البشر عن سماع كلامه والأَخذ عنه، ولا تعارض في هذا الرأْى مع الرأْى السابق، فإِن رسالته للعرب لا تنافى رسالته للناس أَجمعين.
129 - (فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ):
أَي فإِن أَعرضوا عن الإِيمان بك يا محمد فقل لهم: يكفينى الله ويعيننى عليكم، لا معبود بحق سواه، عليه وحده توكلت واعتمدت، فلا أَرجو سواه، ولا أَخاف إِلا منه، ولا أَستعين إِلا به، وهو رب العرش العظيم.
والمراد من العرش إِما الفلك الأَعظم الذي تتنزل منه الأَحكام والمقادير، أَو السلطان والملك العظيم - والله تعالى أَعلم.
* * *