الذين خرجوا في السرية، أَعلمهم المقيمون ما تعلموا من أحكام الشرع، وما تجدد نزوله على النبي صلى الله عليه وسلم من آيات القرآن وعلى أَي وجه فقد أَفادت الآية إِيجاب التفقه في الكتاب والسنة على سبيل الكفاية، وقد جاءَ إِيجابه عن أَنس بن مالك أَنه قال:
"سَمعت رَسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول: طَلَبُ الْعِلْمِ فَريضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ".
وحكم المسلمة حكم المسلم وجاءَ في فضله من حديث أَبي الدرداءِ قال: "سَمعتُ رسول الله صَلى الله عَليه وسَلم يقول: مَن سَلكَ طَريقًا يَلتَمسُ فيه عِلمًا، سَلكَ الله به طَريقًا إِلى الْجَنةِ. وَإِن الملائِكةَ لَتَضَعُ أَجْنحَتها رَضًا لطَالب الْعِلم وإِنَّ العَالِم ليَستغفر لهُ من في السمواتِ ومن في الأَرْض والحيتَان في جَوْف الماءِ، وإِنَّ فَضلَ العَالم عَلى العَابد كَفضْل القَمر ليلةَ البَدْر عَلى سَائر الكَواكب وإِنَّ العُلمَاء وَرثةُ الأَنْبيَاءِ، وإِنَّ الأَنْبيَاءَ لمْ يُوَرِّثُوا دِينارًا وَلا دِرهمًا، وإِنما وَرَّثوا العِلم، فَمَنْ أَخَذَ بهِ أَخَذَ بحَظ وافِر" أَخرجه الترمذي، وجاءَ في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم:
"مَنْ يُردِ اللهُ بهِ خَيْرًا يُفقِّهُهُ فِى الدِّين" وحسبك في فضله قوله تعالى: "إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ".
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (123)}
التفسير
بعد ما أَوجب الله على المؤمنين أَن يتسلحوا بالفقه ويزودوا أَنفسهم بالعلم إِلى جانب اقتدارهم على الجهاد ليتسنى لهم نشر الإِسلام بالأَمرين جميعًا، أَمرهم في هذه الآية أَن يتدرجوا في قتال الكفار وأَن يبدأُوا أَولا بقتال الأَقرب من العدو ثم الذين يلونهم ولهذا بدأَ الرسول بقتال اليهود الذين حول المدينة لنقضهم عهده، وصد هجمات المشركين من