والمعنى: ومن أهل المدينة قوم آخرون اعترفوا بتخلفهم عن الغزو إيثارًا للدعة مع إِيمانهم وتصديقهم بما جاءَ به الرسول، ولم يخفوا ما صدر منهم وندموا عليه، ولم يعتذروا بالمعاذير الكاذبة كغيرهم من المنافقين، وهم رهط من المتخلفين، منهم أَبو لبابة وجماعة معه (?) أَوثقوا أَنفسهم على سوارى المسجد عندما بلغهم ما نزل في المتخلفين من القرآن فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المسجد فصلى ركعتين كعادته الكريمة، ورآهم على تلك الحالة فسأل عن شأْنهم فقيل له إنهم أَقسموا أَلا يحلوا أَنفسهم حتى تحلهم أَنت فلما أَنزل الله هذه الآية أَطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعفا عنهم.
(خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا):
المراد بالعمل الصالح ما سبق أَن عملوه من الطاعات، ومنها خروجهم إِلى المغازى السابقة وما لحق ذلك من الاعتراف بذنب التخلف وندمهم على ذلك، والمراد بالعمل السيىءِ ما صدر منهم من المعاصي، ومنها التخلف عن تبوك دون عذر.
(عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ):
أَي يرجى أَن يقبل الله توبتهم المفهومة من اعترافهم بذنوبهم، وتقوية لهذا الرجاءِ قال تعالى:
(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ):
أَي أَنه تعالى واسع الغفران والرحمة، فلهذا يرجى رجاءً قويًّا أن يتقبل بفضله توبتهم النابعة من إِخلاصهم، وصدق طويتهم.