قال العلماءُ: هذه الآية تحريض على التزام طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أَمر به من قسمة الغنيمة، والمراد بالمؤمنين الكاملو الإِيمان، والمراد بذكرهم الله تعالى ذكرهم بقلوبهم لعظمته وسلطانه وجلاله، أَو لوعده ووعيده، ومحاسبته لخلقه، سواء صحب ذلك ذكر اللسان أَم لم يصحبه، وسواء ذكروه بأَنفسهم أَم ذُكِّرُوا به.

وقد وصف الله تعالى المؤْمنين بخمس صفات:

الأُولى: أَنهم إِذا ذكر الله تعالى، خافت وفزعت قلوبهم، استعظاما لشأْنه الجليل وتهيبا منه، ولا شىءَ أَعظم من القرآن في التذكير بالله والتخويف من مخالفته، قال تعالى في سورة الزمر: {اللهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ ذَلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (?) والاطمئنان المذكور في قوله تعالى: {أَلَا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (?) لا ينافى الخوف من الله تعالى، لأَنه عبارة عن شرح الصدور بنور المعرفة والتوحيد، وهو يجامع الخوف، وقيل ذكر الله: هو أَن الرجل يهم بمعصيه فيقال له: اتق الله، فيبتعد عنها خوفا من عقابه عز وجل.

الصفة الثانية: أَنه إذا تليت عليهم آيات الله تعالى قوى إِيمانهم وتصديقهم وتيقنهم بربهم، ونشاطهم في أَعمالهم، وزيادة الإِيمان ثابتة بنص القرآن، قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ في قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ} (?)، والآيات كثيرة في ذلك، وأَيضا فإِن كثرة الأَدلة تقوى المدلول عليه، وتثبته.

الصفة الثالثة: أَنهم على ربهم يتوكلون، فلا يعتمدون على غيره ولا يفوضون أُمورهم لسواه، والتوكل أَعلى مقامات التوحيد، فالمؤْمن يتوجه إليه، وإِياه يدعو فيما يطلب منه، مع الأَخذ بالأَسباب وعدم تركها، ومراعاة سنن الله في الكون التي لا تتبدل، ولا تتغير، ومن تركها كان جاهلا مؤَاخذا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015