المعنى:
واذكر يا محمَّد وقت أَن رفعنا الجبل فوق بنى إِسرائيل فظللهم وتيقنوا أَنه واقع بهم وساقط عليهم لعدم ثبات الأَجسام الثقيلة في الفضاءِ، وقلنا لهم في هذه الحالة المخيفة تقبلوا ما فرضناه عليكم في التوراة، وخذوه بجد وعزيمة وصدق، {وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}: أَي تدارسوا تعاليمه وأَحكامه واذكروها، واعملوا بما فيها حتى لا تنسوها فإِن الدراسة والعمل تجعل كتابكم غير منسىّ ولا متروك, وفي دراسته على هذا النحو تطهير لقلوبكم وتزكية لنفوسكم وسلوك بكم سبيل الوصول إِلى درجة المتقين.
وقد يقال: إِن إِيمانهم بعد رفع الجبل فوقهم حاصل بالإِلجاءِ والإِكراه وهو مناف للإِيمان الصادق, لأَنه إِنما يكون بالاختيار.
ويردُّ على ذلك بأَن الله قد ترك لهم فرصة الاختيار مدة كافية قبل رفع الجبل، ولم يؤمنوا لقسوة قلوبهم، فكان هذا الإِلجاء في آخر أَمرهم بمنزلة جهاد الكافرين والمشركين بعد أَن وجهت الدعوة إِليهم ليؤمنوا اختيارًا فأعرضوا وفي كلا الأَمرين مصلحة لهم.
{وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى شَهِدْنَا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ (172) أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِنْ بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ (173) وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (174)}.
المفردات:
{مِنْ ظُهُورِهِمْ}: من أَصلابهم - {الْمُبْطِلُونَ}: المتبعون للباطل.