ولما كانت الخسارة في ذلك الاستبدال عظمة. قال سبحانه: {بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ} أي بئسما باعوها به {أَنْ يَكْفُرُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ}.فالكفر هو الثمن الذي باعوا به أنفسهم، والمشترى الشيطان، أوجهنم، وكل ذلك من باب التصوير والتمثيل، لتهويل سوءِ ما اختاروه وتقبيح أمره.

{بَغْيًا أَنْ يُنَزِّلَ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ}:بسبب بغيهم وحسدهم أن ينزل الله الوحي على من يختار هـ من عباده، وهو محمَّد - صلى الله عليه وسلم - فقد حسدوه على النبوة، لما لم يكن من بني إسرائيل، بل كان من ولد إسماعيل أخى جدهم إسحاق. وكان ذلك منهم حبا في الرياسة , وتعصبا لنبى جدهم إسرئيل، دون نظرإلى الحق، يريدون أن يقصروا فضل الله عليهم ,ولا يرضون عما أعطى الله غيرهم من فضله.

{فَبَاءُوا بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ}:فرجعوا -بسبب حسدهم- بغضب من الله فوق غضب منه، أي استحقوا غضبا عظيما من الله، بكفرهم بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وحسدهم له على فضل الله عليه.

وقيل الغضب الأول اكفرهم بمحمد. الثاني لكفرهم بعيسى من قبله، فكان غضبا على غضب، بسبب كفر منهم بعد كفر، وقيل غير ذلك.

{وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ}: ولهؤلاءِ الذين عرفوا نبوة محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وكفروا بها، عذاب مهين مذل. جزاء كفرهم واستكبارهم. وهذا العذاب مطلق يشمل عذاب الدنيا وعذب الآخرة، وقال: {وَلِلْكَافِرِينَ} ولم يقل لهم: تعليلا للوعيد بوصف الكفر.

91 - {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا بِمَا أَنْزَلَ اللهُ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا} ... الآية.

أي وإذا دعوا الإيمان والتصديق بما أَنزل الله على نبيه محمَّد أَنكروا وعارضوا، وقالو مستكبرين: إنهم ى يؤْمنون إ لابما أُنزل على أَنبيائهِم، زاعمين أنه لا حق إلا عندهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015