أَما الكافرون فخلودهم في النار أبدى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ} (?).
ثم يختم الله الآية بقوله:
{إنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ}:
ليبين أَنه تعالى، لا تخفى عليه خافية من سيئات أَعمالهم، وأَنه حكيم في عقابهم حسب درجات عصيانهم: { ... وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا} (?).
129 - {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}: ومثلما استمتع الجن بإِغواءِ الإِنس، واستمتع الإِنس بتقبل إغوائهم - نترك الظالمين من الإِنس والجن في كل عصر وجيل، يتولى بعضهم بعضا، بالإِغواءِ والإفساد - ونتخلى عنهم فلا نخلصهم من آثاره بسبب كسبهم المعاصي، واختيارهم لها وإصرارهم عليها. ولذا؛ لا تجد راعيا ظالما إلا مع رعية ظالمة.
وفي ذلك يقول الله تعالى: {وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ} (?).
ويفهم من ذلك: أَن صلاح الرعية، يستتبع صلاح راعيها.
{يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (130) ذَلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا غَافِلُونَ (131) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132)}.