{وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}: وما هم إِلا يَكْذِبون على الله سبحانه. وأصل الخرص: الظن والتخمين. ومنه خرص النخل وهوتقدير ما عليها من التمر ظنا.
التفسير
116 - {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ... } الآية.
بعد أن بيَّن الله تعالى، أن كتابه الذي أَنزله على محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، هو الحَكمُ الفاصل بين الحق والباطل، والعدل والظلم - جاءَت هذه الآية، للحض على التمسك بما جاءَ فيه، وطرح ما عداه، مما يُضل عن سبيل الله.
والخطاب للرسول - صلى الله عليه وسلم -، والمراد به: كل من يصلح للخطاب، والمراد: بـ {أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ}: الكفار أو أصحاب الهوى، وهم يمثلون أكثرية البشرية.
والمعنى: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ} في عقائدهم وأهوائهم {يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} الذي شرعه لعباده متسما بالصدق والعدل.
{إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ}: ما يتبع أكثر الناس إلا الظن المفضى إلى الباطل الذي لا يستند إِلى دليل، وما هم إلا يكذبون على الله، في عَزوِ أَحكامهم إِليه تعالى، افتراءً وزورًا.
ومن ذلك زعمهم: أَن الله اتَّخَذ ولدَا، وأَن الأَوثان تُقَرَّبُهم إِلى الله زُلْفَى، وأَن الله أَحلَّ أكْلَ المَيتةِ، وشَرَع البَحيرةَ والسائِبة.
ويجوز أَن يكون المعنى: وما هم - فيما يزعمون من الآراءِ الفاسدة - إِلا يتوهمون أَنهم على شَىءٍ وجانب من الحق، دون أَن يكون لهما على ذلك دليل وبرهان.
وأَصل الخَرْصِ: الحَدْسُ والتَّخْمِين. ومنشؤه الظن: { ... وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا} (?) والخارص يقطع بما لا يمكنه القطع به، إِذ لا يقين عنده. وكثيرا ما يتعرض للخطإِ والكذب في التقدير. ولذلك استعمل في الآية بمعنى الكذب.