وجملة: {وَليَقُولُوا دَرَسْتَ}: جملة طلبية كما بَيَّناه في المفردات. وقد جاءَت معترضة بين ما قبلها وما بعدها، للمسارعة إِلى تسلية النبي، - صلى الله عليه وسلم -، عن معارضتهم.
فإِن المراد منها: أَلَّا يَعْتَدَّ بما يقولون من الأَكاذيب. فقد زعموا: أَن النبي - صلى الله عليه وسلم -، درس على أَهل الكتاب، وتَعلَّمَ منهم، وأَلَّف القرآن، وفقًا لما أَخذه عنهم. مع أَن مكة خالية من أَهل الكتاب، ولم يَلْقَ - صلى الله عليه وسلم - أَحدا منهم فيها، ولا في غيرها، كما أَنه عليه السلام أُمِّىٌّ. والقرآن فوق طاقة البشر جميعًا. ومنهم محمَّد - صلى الله عليه وسلم -، فبذلك تكون دعواهم ظاهرد البطلان، ولا تستحق أَن يبالى بها النبي - صلى الله عليه وسلم -.
{وَلنَبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} (?):
والمعنى ولنبيّن أَنه قرآن من عند الله لمن يعلَمون ذلك حقَ العلم من أَهل الكتاب - لنلزمهم الحجة، ولعلهم يرشدون.
106 - {اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ}:
اتبع ما يوحى إِليك من ربك، اعتقادًا وقولًا وعملًا. وأَعرض عن أَقوال المشركين. ولا تبالِ بِافترائهم وتكذيبهم. وامضِ في تبليغهم ما أَوحيناه إِليك.
107 - {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}:
ولوأراد الله عدم إِشراكهم ما أَشركوا، بأَن يحملهم على الهدى، ويلجئهم إلى الإِيمان ولكنه تركهم لا يدور عليه أَمر التكليف وهو الاختيار.
ولمّا تركهم لاختيارهم، لم يحسنوا الانتفاع بآياته، فتخلى عن معونتهم.
{وَمَا جَعَلْنَاكَ}: يا محمد {عَلَيْهِمْ حَفِيظًا}: قَيِّمًا وحارسًا، يحفظهم من الشرك، حتى تؤاخذ بشركهم.