إذ ليس الإِدراك مطلقَ الرؤْية، حتى يكون نفيه نفيا لها، بل هو رؤْيةٌ مع شمول وإحاطة. وذلك هو المنفي، فلا مانع من الرؤية لله - دون إحاطة وشمول - مع نفي الكيف عنها، فإن الرؤية غير منفية، إِذ نفى الخاص، ليس نفيًا للعام.
ولا مانع من أَن يخلق الله في البصر قوة غير عادية، يمكن بها رؤية البارئ سبحانه وتعالى، بدون مستلزمات رؤْية الحوادث.
وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: "إنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ، كَمَا تَرَوْنَ القَمَرَ لَيْلَةَ البَدْرِ: لا تضامُون في رُؤيَتِه ... " (?) الحديث.
{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (104) وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (105) اتَّبِعْ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (106) وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكُوا وَمَا جَعَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107)}.
المفردات:
{بَصَائِرُ}: جمع بصيرة، وهي: النور الذي تبصر به النفس والقلب. أما البصر: فهو نور العين.
وأُطلقت البصائر على آيات القرآن، تشبيها لها بها، في إظهار الحق.