بعد أَن أَلزمهم إِبراهيم عليه السلام الحجة على توحيد الله تعالى، وأَفحمهم بظهور الأَدلة لم يجدوا وسيلة إِلَّا المجادلة بالباطل. فقال تعالى حاكيًا عنهم:
{وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ}:
أَي: جادلة قومه بالباطل في دينه، وهددوه بالأَصنام؛ أَن تصيبه بسوءٍ، إن هو ترك عبادتها.
{قَالَ أَتُحَاجُّونَّى فِى اللهِ وَقَدْ هَدَانِ}:
أَي: قال منكرا عليهم مجادلتهم - بعد وضوح الحق - أتجادلونني في وحدانية الله تعالى، وقد أَرشدنى سبحانه إلى توحيده، فأَصبحتْ حُجَّتُكُم باطلةً لا تُجدي شيئًا؟!
{وَلَاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ}:
أَي: ولا أَخشى أَن يَنَالَنى سوءٌ من جهة آلهتكم الباطلة، التي أَشركتم بها مع الله.
{إلَّا أَن يَشَاءَ رَبِّى شَيْئًا}:
أَي: لكن إِن شاءَ ربي وقوع شيء من المكروه لي، فإِنه يكون من فعله وحده - ولا دخل لما تشركون به في ذلك.
{وَسِعَ رَبِّى كُلَّ شَىْءٍ عِلْمًا}:
أي: أَحاط ربَّى علما بكل شيءٍ. فلا يقع في ملكه إِلا ما شاءَه هو. وليست لآلهتكم مشيئة حتى أَخافَها.
{أفَلَا تَتَذَكَّرُونَ}:
أَي: أَتُعرِضون عن التأَمل في أَن آلهتكم جماداتٌ، غيرُ قادرةٍ على شيءٍ ما، فلا تتذكرون أَنها عاجزة عن إلحاق ضرر بي؟!