التفسير

56 - {قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ ... } الآية.

بعد ما نَهى الله الرسولَ - صلى الله عليه وسلم -، عن إِبعاد فقراءِ المسلمين عن مجلسه، حين يجلس إليه المشركون تألفًا لقلوبهم، أتبعه بيان رحمته بالمؤْمنين التائبين من ذنوبهم، أَمرَه - سبحانه - في هذه الآية وما بعدها - أن يقطع أَطماع المصِرِّينَ على الشرك في صرفه عن دعوة التوحيد.

والمعنى: قل أَيها الرسول للمشركين: إني نُهيت من الله تعالى؛ أَن أَعبدَ معكم الأَصنام التي تعبدونها من دون الله.

ثم أَمره الله - في إِيجاز رائع - أَن يبين لهم: أَن عبادتهم إِياها لا تستند إِلى دليل.

بل تجرى حسب هواهم، ومن أَتبع الهوى، ضل عن الهدى. فقال:

{قُلْ لَا أَتَّبِعُ أَهْوَاءَكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا}:

وَبَعُدْتُ عن الحق

(وَمَا أنا مِنَ الْمُهْتَدِينَ):

إِلى سبيل الرشاد، لو اتبعت منهجكم في عبادة غير الله.

57 - {قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ... } الآية.

المراد بالبينة: اليقين؛ كما قال ابن عباس. أو الحجة الواضحة، وهي القرآن.

كما قال غيره.

والمعنى على رأْى ابن عباس: قل لهم أَيها الرسول: إني على يقين من ربي. وكذبتم به، حيث جعلتم له شركاءً عبدتموها معه. ومَن جعل لله شركاءَ فقد كذب بوحدانيته تعالى، وإِن اعترف بخالقيته.

والمعنى على رأْى غيره: قل: إني على حجة من ربي وهي القرآن الذي أَيدنى به، وكذبتم بهذا القرآن، حيث زعمتموه: شِعْرا وسِحْرا، وأَساطيرَ الأَولين.

وقد كانوا يستعجلون نزول العذاب الذي توعدهم الله به إِن استمروا على شركهم.

ويقولون مستهزئين: { ... مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِن كُنتُنم صَادِقِينَ} (?) فأَمر الله الرسول أَن يقول لهم:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015