وقد اختلف في المراد بالمثل:
فقيل: هو النظير أَي الشبيه. ففي الظبية: شاة. وفي النعامة: بعير.
روى الدارقطني عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "في الضبع إِذَا أَصابَهُ الْمُحْرِمُ: كَبْشٌ. وَفي الظَّبْى: شَاةٌ. وَفي الأرْنَبِ: عنَاقٌ (?). وَفي اليَرْبوع (?): جَفْرَة" (?).
وقيل المراد بالمثل: قيمة الصيد المقتول - يُقَوَّمُ في المكان الذي صِيدَ فيه، أو في أَقرب الأماكن إِليه، ويراعى زمان القتل في التقدير لأن القيمة تتفاوت باعتبار الزمان والمكان.
وقوله تعالى: (مُتَعَمدًا) ليس قيدًا لوجوب الجزاء والكفارة. فإن الخطأَ مثل العمد في الكفارة المذكورة. فالتعبير بقوله: (مُتَعَمِّدًا) لبيان الواقع. لأن الآية - كما سبق - نزلت في أبي اليسر لَمَّا قَتلَ - عمدًا - حِمارًا وحشيَّا وهو محرم.
وإن لم يوجد هذا المماثل من النعم، وجبت قيمة هذا المماثل - في محل الصيد - أو في أَقرب الأماكن إليه.
ويرجع في المزيد في هذا، إلى التفصيل في كتب الفقه.
{يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ}:
أَي يحكم ويقضى بالمماثل للمقتول من صيد الحَرم: رجلان عدلان من المؤمنين؛ لأن المماثلة بين النعم والصيد، مما يخفى على أكثر الناس. وما لا مثل له من النَّعم، يحكم العدلان فيه بالقيمة.
{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ}:
هذه العبارة مرتبطة بقوله: {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ ... } إِلخ.
والمعنى: إن جزاءَ الصيد الذي يحكم به العدلان، يكون هدية تبلغ الحرم المكى، أي تساق إِليه وتذبح فيه وتوزع على الفقراء.