{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ}:
أَي لا تمنعوا - أَيها المؤمنون - أَنفسكم مما طاب ولذَّ من الطعام، الذي أحله الله لكم.
{وَلَا تَعْتَدُوا}:
أَي لا تتجاوزوا الحَدَّ بتحريم حلال، أو تحليل حرام، أَو إِسراف في طعام. قال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} (?).
88 - {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالًا طَيِّبًا ... } الآية.
أَي تمتعوا بأَنواع الرزق، من أَكل وشرْب ولباس، وغير ذلك من الطيبات، التي أَحلها الله تعالى.
وخص الأكل بالذكر؛ لأَنه معظم مقاصد الرزق.
وقد دلت هذه الآية - وسابقتها - على أَن الإِسلام يُعْنَى بالأَجسام، كما يُعنى بالأَرواح.
{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِى أَنتُم بِهِ مُؤْمِنُونَ}:
أي اجعلوا أَنفسكم في وقاية من غضب الله , الذي أَنتم به مؤمنون. فلا تتجاوزوا ما شرعه الله لكم.
وعن الحسن البصري - رضي الله عنه -: إن اللهَ أَدَّب عبادَه فأَحسن أَدبهم، فقال: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ من سَعَتِهِ} (?). ما عاب الله قوما وسَّع عليهم الدنيا فتنعموا وأَطاعوا، ولا عَذَر قوما زواها عنهم فعصوْه.
وعنه أنه قيل له: فلان لايأْكل الفالوذج (?) , ويقول: لا أُؤدي شكره. قال: أفيشرب الماء البارد؟ قالوا: نعم. قال: إِنه جاهل. إن نعمةَ الله عليه في الماءِ البارد، أكثُر من نعمته عليه في الفالوذج.
والمعروف من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم: أَنه كان يأْكل ما وجده ... فتارة يأْكل أَطيبَ الطعام؛ كلحوم الأنعام والطير والدجاج. وتارة يأكل أَخْشَنَهُ؛ كخبز الشعير