فضائحَهم ومخازيَهُم - ذكر تعالى في هذه الآيات. أحوالَ اليهود والنصارَى في عداوتهم ومحبتهم للمؤمنين. كما بيَّن حالَ المشركين.
سبب النزول:
تعددت الروايات في سبب نزول هذه الآيات. ولكنها تلتقى في أَن بعض طوائف النصارى، استمعوا إلى القرآن الكريم، فتأثَّرت به نفوسهم، وفاضت أعينهم فأَعلنوا الإِسلام.
ويذهب جمهور المفسرين: أنها نزلت في النجاشي - ملك الحبشة - ومَن معه من القسيسين والرهبان.
وجميع الروايات: تدل على أنه أسلم هو ومن معه.
وكُتُبُ السيرةِ، تدل على أن قيصر عظيم الروم - وهو مسيحى - تلقَّى دعوةَ الرسول - صلى الله عليه وسلم -، في رِفق وأَناة. وأنه - لولا خشيته على مُلْكه - لاستجاب للإسلام.
كما تدل كتب السيرة، على أن المقوقس - زعيم الأقباط في مصر - تَلَقَّى دعوةَ الرسول صلى الله عليه وسلم، في مَوَدَّةٍ ولِينْ. وأَرسل إليه بعض الهدايا القيمة.
وكان تَلقى الناس للدعوة الإِسلامية متنوعًا بتنوع عقائدهم وطبائعهم.
وأبرز الطوائف التي استقبلت هذه الدعوة الجديدة:
أولًا - اليهود: وقد استقبلوا الإِسلام بالعداوة والبغضاء، مع أَن ملَّتَهم تقوم على التوحيد؛ لأن تطوّر اليهودية، وعبَثَ اليهود بكتابهم - أَبْعَدَ اليهودَ عن أصول عقيدتهم، وجعلها قائمة على التعصب الأعمى والأَنانية الحمقاء؛ حيث زعموا أَنهم: شعب الله المختار وأنهم لهذا لن يدخلوا النار مهما فعلوا إِلا أَياما معدودات. فاسترسلوا في شهواتهم ونزواتهم. فقتلوا الأنبياءَ، واستباحوا الحُرماتِ. وأَكلوا أموالَ الناس بالباطل. وأسرفوا في التمرد والعصيان، مما مسخ فِطَرَهم الإِنسانية إِلى غرائز القردة والخنازير، وعبدة الطاغوت.