تُجاوز الحد، وتُخرج عن القصد، تاركين الحق، ومخالفين الصواب .. وبهذا تخرجون عن نطاق التوحيد، إِلى الإِيغال في الشرك والضلال.

{وَلَا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ}:

أي: ولا ينبغي لكم أن تنقادوا لشهوات الأحبار والرهبان، الذين قد ضلوا من قبل، فشرعوا من الدين ما لم يَأذَن به الله، فأضلوا كثيرا ممن اتبعوهم - دون رَوِيَّةٍ أَو تفكير - ثم لمَّا جاءهم الإِسلام: يردّهم إلى الحق والصواب، ويدعوهم إلى جادة الطريق القويم، الذي لا عوج فيه ولا التواءَ ولا مغالاة - ضلوا عن الطريق السوِي، وهو طريق القرآن، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، فلعنة الله على الكافرين، وعلى كل من أَتبع غير طريق الحق.

روَى أَحمد والنسائي وابن ماجه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ في الدَّين، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُم بِالْغُلُوِّ في الدِّين".

78 - {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ. . .} الآية.

بعد أن نهى الله عن الغلو في العقيدة غلوًّا ينحرف به المرء عن الصواب.

جاءَت هذه الآية دالةً على استحقاق اليهود اللعن والطرد من رحمة الله، على لسان داود وعيسى بن مريم، بسبب عصيانهم واعتدائهم المستمرَّيْن.

واقتصرت الآية على ذكر هذين النبيَّيْن، مع أَنهم لعنوا من غير هذين، لأَن داود عليه السلام قادهم إلى النصر، ومهَّد لهم الملك , وعيسى عليه السلام آخر أنبيائهم. وقد لقِى منهم أشدَّ أَنواع الإِيذاءِ. وقد حاولوا قتْلَه فنجّاه اللهُ من كيدهم الأثيم. ولذا سماهم - عيسى - أولادَ الأفاعي (?).

{ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ}:

أي: استحقوا الطرد من رحمة الله، بسبب دعاءِ أَنبيائهم عليهم , لتمردهم وعصيانهم وغلوهم، وبسبب استمرارهم في البغي والعدوان، حتى كذبوا بعض أَنبيائهم: وقتلوا بعضهم، وبالغوا في إِيذاءِ الآخرين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015