من الضلال، جاءَت هذه الآية الكريمة، تأْمره عليه الصلاة والسلام: أَن يبيِّن لهؤُلاء اليهود: أَن الجدير بالإِنكار حقا: ما هم عليه من الضلال الذي ألحقوه بشريعتهم.

(قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ):

أَي قل يا محمد: ألا أُخبركم - أيها اليهود - بمن هم شرٌّ وأَسوأُ حالًا في العقوبة الثابتة المقررة لهم عند الله تعالى - وأَشدُّ نكالا يوم القيامة من المسلمين - في زعمكم الباطل أيها اليهود - هم أولئك الذين طَرَدَهُمُ الله من رحمته، وأَبْعَدَهم عن رضوانه، وحلّ عليهم سُخْطه، هم:

(مَن لعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغوتَ):

أَي: وجعل منهم من يشبه القردة في التقليد الأعمى، والخنازير في الانغماس في كل ما هو قذر ...

وكذلك جعل منهم الذين عبدوا الكهنة ورؤَساءَ الضلال: الذين قادوهم إلى الكفر بما أنزل الله تعالى - من الهدى لإِخراج الناس من الظلمات إلى النور.

(أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ):

أي: هؤُلاء الموغلون في الاتصاف بتلك القبائح والخبائث، التي أَوقعتهم في سوءِ المصير ... هم في شر المكانة، وأَحط المقام؛ في الدنيا والآخرة، وأَكثر انحرافا وبعْدًا عن الطريق المستقيم.

وقد مهد بالاستفهام الذي خاطبهم به - لِمَا اراد إلقاءَه إِليهم - لشدِّ انتباههم، وإيقاظ أذهانهم، لبيان أَن للمخبر به شأْنًا خطيرًا؛ يستحق أَن يتلقاه السامع؛ بالحفظ والتدبر والرعاية.

وليس في الدين الإِسلامي - ولا في أَهله - أَدنى شيءٍ من شر أو ضر، بل كله خير محض في نفسه. وأَتباعه خيّرون ما تمسكوا باتباعه .. وإِنما اعتبرت الشرية في قوله تعالى: (بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ) من باب المجاراة لهؤلاء المبطلين فيما اعتقدوه - لا فيما هو الواقع - لإِلزامهم بأَن ما هم عليه من الفساد، شرٌّ من كل محتمل .. ولو في زعمكم أيها اليهود الأشرار. على فرض أن في الإِسلام وأهله شرًّا كما تزعمون؟!.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015