(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ):

وقد أَكمل الله الدين لعباده. فبين حلاله وحرامه. فليسوا في حاجة إِلى تحليلٍ أَو تحريم بعد ذلك. وما كان من حكم غير منصوص، جاءَ عن طريق: الإِجماع، أَو القياس - فهو مستمد من الكتاب أَو السنة.

(وَأتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي):

وأَتم الله عليهم نعمة النصر على الأَعداءِ والغلبة عليهم. فأَصبحَتْ لهم اليدُ العليا، ودخلوا مكة ظافرين منتصرين، وأَدَّوُا المناسك آمنين مطمئنين، وهُدِمَت معالمُ الجاهلية، وأُبْطِلت مناسِكُها، وانتَشَر الإِسلامُ في أَرجاء الجزيرة العربية.

(وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا):

واختار الله لهم الإِسلام دينا .. فمن طلب الهدى في غيره، فقد ضل سواءَ السبيل، وخسر خسرانا مبينا. (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ في اْلآخِرَةِ مِنَ الخَاِسرِينَ) (?).

وبنزول قوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلَامَ دِينًا): عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم، أَن رسالته تمت، وأَن أَجله اقترب، وأَنه عما قريب - لاحق بالرفيق الأَعلى.

(فَمَنِ اضْطُرَّ في مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ):

هذا الجزءُ من الآية يتصل بقوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) إِلى قوله: (وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ) وقد توسط قوله تعالى: (ذَلِكُمْ فِسْقٌ) إِلى هنا؛ لتأْكيد التحريم لما تقدم ذكره، لأَن تحريمَ هذه الخبائث، من جملة الدين الكامل. أَي: ما ذُكِر من المحرماتِ السابقة - محظورٌ تناول أَي شيءٍ منه في حالة الاختيار، ولكن قد يقع الِإنسان في الأَضرار بأَن تصيبَه مخمصة - أَي مجاعة - فتضطرَّهُ إِلى تناول شيءٍ من هذه المحرمات، إِنقاذًا لحياته، لأَنه لا يجد غيرَها أَمامه. فكان من رحمة الله بعباده أَن رَفَعَ الحرج عن المضطر، إِذا تناول شيئًا من هذه المحرمات، بشرط أَن يكون غير متجانف لإِثم: أَي غير مائل إِلى الإِثم. وذلك بتجاوزه حد الضرورة. ولذلك ختمت الآية بقوله تعالى: (فَإنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ):

طور بواسطة نورين ميديا © 2015