رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ
قال الزجاج: أنزل الله عليهم السكينة، حتى عادوا وظفروا وأراهم في ذلك اليوم من آياته ما زادهم يقينا في الدين، وهو قوله: {وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا} [التوبة: 26] قال ابن عباس: يعني: الملائكة.
وقال سعيد بن جبير: أمد الله نبيه عليه السلام بخمسة آلاف من الملائكة.
وقال سعيد بن المسيب: حدثني رجل كان في المشركين يوم حنين قال: لما كشفنا المسلمين جعلنا نسوقهم حتى إذا انتهينا إلى صاحب البغلة الشهباء، فتلقانا رجال بيض الوجوه حسان، فقالوا لنا: شاهت الوجوه ارجعوا.
فرجعنا، وركبوا أكتافنا.
وذلك قوله: {وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [التوبة: 26] بالقتل والأسر وسبي الأولاد، {وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ {26} ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} [التوبة: 26-27] من عباده فيهديهم إلى الإسلام ولا يؤاخذه بما سلف منه، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 27] بمن آمن، قوله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] قال الليث: النجس: القذر من الناس ومن كل شيء، يقال: رجل نجس، وقوم أنجاس.
ولغة أخرى رجل نجس، وقوم نجس، ورجلان نجس، ومنه قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ} [التوبة: 28] قال ابن عباس: يريد لا يغتسلون من الجنابة، ولا يتوضئون لله تعالى، ولا يصلون لله.
{فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا} [التوبة: 28] أي: لا يدخلوا الحرم بعد سنة تسع، أمر المسلمون بمنع المشركين من الحج ودخول الحرم، ولما منعوا من دخول الحرم، قال المسلمون: إنهم كانوا يأتون بالميرة ويتبايعون، فالآن تنقطع المتاجر ويضيق العيش.
فأنزل الله عز وجل: {وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [التوبة: 28] قال ابن عباس: يتفضل عليكم بما هو أوسع وأكثر.
قال مقاتل: ثم أسلم أهل جدة وصنعاء وجرش، وحملوا الطعام إلى مكة وكفاهم الله ما كانوا يتخوفون، وقوله: {إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 28] قال ابن عباس: عليم بما يصلحكم، حكيم فيما حكم من المشركين.
قوله: {