قوله: {ثُمَّ بَعَثْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ} [الأعراف: 103] من بعد الأنبياء الذين جرى ذكرهم، موسى بآياتنا بما آتيناه من المعجزات {إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا} [الأعراف: 103] قال ابن عباس: فكذبوا بها.
قال الزجاج: جعلوا بدل الإيمان بها الكفر.
{فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [الأعراف: 103] فانظر بعين قلبك كيف فعلنا بهم، وكيف عاقبناهم.
قوله: {حَقِيقٌ عَلَى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ} [الأعراف: 105] ، على ههنا بمعنى الباء، قال الفراء: العرب تجعل على بمعنى الباء، يقولون: رميت على القوس، وبالقوس، وجئت على حال حسنة وبحال حسنة.
وفي حرف عبد الله: حقيق بأن لا أقول، والمعنى: أنا حقيق بأن لا أقول، وقرأ نافع: عليّ مشددة بالياء، قال الزجاج: المعنى واجب عليّ ترك القول على الله إلا بالحق وهو أنه لا إله غيره، والمعنى: أن موسى عليه السلام قال: واجب علي أن لا أقول في وصف الله تعالى إلا ما هو الحق وهو توحيده، وتنزيهه عن الشريك.
{قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} [الأعراف: 105] قال ابن عباس: يعني: العصا.
{فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} [الأعراف: 105] أطلق عنهم وخلِّهم، وكان فرعون قد استخدمهم في الأعمال الشاقة من نحو ضرب اللبن، ونقل التراب، وقوله: {فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ} [الأعراف: 107] الثعبان: الحية الضخم الذكر، وهو من أعظم الحيات، قال الكلبي: ملأت الحية دار فرعون، ثم فتحت فاها، فإذا شدقها ثمانون ذراعا، ثم شدت على فرعون لتبتلعه، فوثب فرعون عن سريره وهرب، وقام به بطنه ذلك اليوم أربع مائة مرة، ولم يستمسك بطنه بعد ذلك اليوم حتى هلك، ثم أدخل موسى يده جيب مدرعته، ثم أخرجها فإذا هي بيضاء للناظرين لها شعاع ساطع يغلب شعاع الشمس، يضيء ما بين السماء والأرض، فذلك قوله: ونزع يده أي: أخرجها من جيبه، {فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ} [الأعراف: 108] ، فلما رأوا ذلك قالوا: {إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ} [الأعراف: 109] يعنون أنه حاذق بالسحر، نسبوا ذلك إلى السحر.
{يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ} [الأعراف: 110] يا معشر القبط، من أرضكم: ويزيل ملككم