أَبُو النَّضْرِ، نا أَبُو عُقَيْلٍ، نا مُوسَى بْنُ الْمُسَيَّبِ، أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِي فَاكِهٍ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لابْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ، فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإِسْلامِ، فَقَالَ لَهُ: أَتُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ؟ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ، فَقَالَ لَهُ: أَتُهَاجِرُ وَتَذَرُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ؟ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ مَثَلُ الْفَرَسِ فِي الطُّولِ، فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ، ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ، فَقَالَ: هُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ، فَتُقَاتِلُ، فَتُقْتَلُ، وَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ، وَيُقْسَمُ الْمَالُ، فَعَصَاهُ، فَجَاهَدَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْكُمْ وَمَاتَ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ "
قوله: {ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ} [الأعراف: 17] قال ابن عباس في رواية الوالبي: يعني: من الدنيا، ومن خلفهم من الآخرة، أتاهم من بين أيديهم، فزين لهم الدنيا ودعاهم إليها، ومن خلفهم فأخبرهم أنه لا بعث ولا جنة، ولا نار.
وقوله: وعن أيمانهم، قال الوالبي عن ابن عباس: من قبل حسناتهم، وعن شمائلهم: من قبل سيئاتهم.
وهذا قول قتادة، قال: وعن أيمانهم: من قبل حسناتهم أبطئهم عنها، وعن شمائلهم: أزين لهم السيئات والمعاصي، وأدعوهم إليها وآمرهم بها، أتاك يابن آدم من كل وجه، غير أنه لم يأتك من فوقك، لم يستطع أن يحول بينك وبين رحمة الله تعالى.
وقال أهل المعاني: ذكر الله تعالى هذه الجهات مبالغة في التوكيد، والمعنى: ثم لآتينهم من جميع الجهات.
وهو اختيار الزجاج، قال الزجاج: الحقيقة والله أعلم: أتصرف لهم في الإضلال من جميع جهاتهم.
وقوله: {وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ} [الأعراف: 17] قال ابن عباس: يريد أن أكثرهم لإبليس طائعون، ولله عاصون.
قوله تعالى: {قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا} [الأعراف: 18] قال الكلبي: من الجنة.
مذءوما: الذأم: الاحتقار، يقال: ذأمت الرجل، أذأمه.