نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّمَاءَ عَلَيْهِمْ مِدْرَارًا وَجَعَلْنَا الأَنْهَارَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمْ فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ وَأَنْشَأْنَا مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ {6} } [الأنعام: 4-6] قوله: {وَمَا تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِمْ} [الأنعام: 4] قال عطاء: يريد القرآن {إِلا كَانُوا عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام: 4] تاركين التفكر فيها.
فقد كذبوا يعني: مشركي مكة {بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ} [الأنعام: 5] قال ابن عباس: بما جاءهم به الصادق الأمين عن الله تعالى، {فَسَوْفَ يَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [الأنعام: 5] أي: أخبار استهزائهم وجزاؤه فهذا وعيد لهم على استهزائهم بالقرآن.
والمعنى: سيعلمون عاقبة استهزائهم إذا عذبناهم.
قوله: ألم يروا يعني: مشركي مكة {كَمْ أَهْلَكْنَا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ} [الأنعام: 6] من أمة وجماعة، يعني: من أهلك من الأمم الماضية بتكذيبهم الرسل، والقرن: الأمة من الناس، وأهل كل مدة قرن.
قوله: {مَكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّنْ} [الأنعام: 6] قال ابن عباس: أعطيناهم ما لم نعطكم، يعني: وسعنا عليهم في كثرة العبيد والمال والأنعام.
يقال: مكنته ومكنت له، إذا أقدرته على الشيء بإعطاء ما يصح به الفعل من العدة، وفي هذا رجوع من الخبر إلى الخطاب.
وأرسلنا السماء يعني: المطر عليهم مدرارا كثير الدر.
يقال: سحاب مدرار وغيث مدرار.
إذا تتابع منه المطر.
{فَأَهْلَكْنَاهُمْ بِذُنُوبِهِمْ} [الأنعام: 6] : بكفرهم وتكذيبهم، وأنشأنا خلقنا وأوجدنا {مِنْ بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ} [الأنعام: 6] .
{وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلا سِحْرٌ مُبِينٌ {7} وَقَالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنَا مَلَكًا لَقُضِيَ الأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ {8} وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَجَعَلْنَاهُ رَجُلا وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ {9} وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ {10} } [الأنعام: 7-10] قوله: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} [الأنعام: 7] قال الكلبي: قال مشركون مكة: لن نؤمن لك يا محمد حتى