قال ابن عباس: قال عيسى لأصحابه: هل لكم أن تصوموا لله ثلاثين يوما، ثم لا تسألون شيئا إلا أعطاكم.

فصاموا ثلاثين يوما، ثم قالوا: يا معلم الخير، قد فعلنا الذي أمرتنا، فسل من أمرتنا أن نصوم له أن يطعمنا، فذلك قوله: {هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ} [المائدة: 112] .

والمائدة: الخوان بما عليه من الطعام.

قال: عيسى: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [المائدة: 112] أي: اتقوا الله أن تسألوه شيئا لم تسأله الأمم قبلكم.

قوله: {قَالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْهَا} [المائدة: 113] أي: نريد سؤال المائدة من أجل هذا، وتطمئن قلوبنا: تزداد يقينا، وذلك أن الدلائل كلما كثرت قويت المعرفة في النفس {وَنَعْلَمَ أَنْ قَدْ صَدَقْتَنَا} [المائدة: 113] في أنا إذا صمنا ثلاثين لا نسأل الله شيئا إلا أعطانا.

وقوله: {وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ} [المائدة: 113] أي: نقر لله بالوحدانية ولك بالنبوة من جهة ذلك الدليل الذي نراه في المائدة، فدعا عيسى، وقال: {اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنْزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا} [المائدة: 114] أي: نتخذ ذلك اليوم الذي تنزل فيه عيدا، نعظمه نحن ومن يأتي بعدنا.

وآية منك: دلالة على توحيدك وصحة نبوة نبيك وارزقنا: عليها طعاما نأكله {وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [المائدة: 114] .

{قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَنْ يَكْفُرْ بَعْدُ مِنْكُمْ} [المائدة: 115] أي: بعد إنزال المائدة {فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 115] يعني: جنسا من العذاب لا يعذب به غيرهم.

قال الزجاج: فهذا العذاب جائز أن يعجل لهم في الدنيا، وجائز أن يكون لهم في الدنيا، وجائز أن يكون في الآخرة.

واختلف العلماء في نزول المائدة: فقال الحسن: والله ما نزلت المائدة، وإن القوم لما سمعوا الشرط في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015