تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ {118} قَالَ اللَّهُ هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ {119} لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ {120} } [المائدة: 109-120] قوله عز وجل: {يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ} [المائدة: 109] الآية: انتصب اليوم بفعل محذوف على تقدير: احذروا واذكروا يوم يجمع الله الرسل، {فَيَقُولُ مَاذَا أُجِبْتُمْ} [المائدة: 109] قال الكلبي: ماذا أجابكم قومكم في التوحيد.
ومعنى المسألة من الله للرسل: التوبيخ للذين أرسلوا إليهم.
{قَالُوا لا عِلْمَ لَنَا} [المائدة: 109] قال ابن عباس: إن للقيامة زلازل وأهوالا حتى تزول القلوب عن مواضعها، فإذا رجعت القلوب شهدوا لمن صدقهم وعلى من كذبهم، وهذا قول الحسن، ومجاهد، والسدي، قالوا: من هول ذلك اليوم يفزعون ويذهلون عن الجواب، ثم يجيبون بعد ما تثوب إليهم عقولهم.
وحكى ابن الأنباري، عن جماعة من أهل التفسير أنهم قالوا: معنى الآية لا حقيقة لعلمنا إذ كنا نعلم جوابهم وما كان من أفعالهم وقت حياتنا، ولا نعلم ما كان منهم بعد وفاتنا، وإنما الجزاء يستحق بما يقع به الخاتمة مما يموتون عليه، فلما خفي عليهم الذي ماتت عليه الأمم لم يكن لعلمهم حقيقة، فقالوا: {لا عِلْمَ لَنَا} [المائدة: 109] .
يدل على صحة هذا التأويل قوله: {إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ} [المائدة: 109] أي: أنت الذي يعلم ما غاب ونحن نعلم ما نشاهد، ولا نعلم ما في البواطن.