وقوله: {إِذَا مَا اتَّقَوْا} [المائدة: 93] يعني: المعاصي والشرك، ثم اتقوا: داموا على الاتقاء، {ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا} [المائدة: 93] اتقوا ظلم العباد مع ضم الإحسان إليه.
312 - أَخْبَرَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعَالِبِيُّ، أَخْبَرَنَا شُعَيْبُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَيْهَقِيُّ، أَخْبَرَنَا مَكِّيُّ بْنُ عَبْدَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: لَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ تَحْرِيمَ الْخَمْرِ فِي الْمَائِدَةِ بَعْدَ غَزْوَةِ الأَحْزَابِ، قَالَ فِي ذَلِكَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أُصِيبَ فُلانٌ يَوْمَ بَدْرٍ، وَفُلانٌ يَوْمَ أُحُدٍ وَهُمْ يَشْرَبُونَهَا، وَنَحْنُ نَشْهَدُ أَنَّهُمْ فِي الْجَنَّةِ.
فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى {لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا} [المائدة: 93] الآيَةَ
يقول: شربها القوم على تقوى من الله وإحسان، وهي يومئذ حلال، ثم حرمت فيما بعد.
{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ {94} يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَوْ عَدْلُ ذَلِكَ صِيَامًا لِيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقَامٍ {95} أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ {96} } [المائدة: 94-96] قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ} [المائدة: 94] الآية، أي: ليختبرن طاعتكم من معصيتكم بصيد البر خاصة، وكان هذا عام الحديبية، كانت الوحش والطير تغشاهم في رحالهم كثيرة وهم محرمون، فنهوا عنها ابتلاء قوله: تناله أيديكم يعني: الفراخ وصغار الوحش ورماحكم يعني: الكبار ليعلم الله: ليرى الله {مَنْ يَخَافُهُ بِالْغَيْبِ} [المائدة: 94] من يخاف الله ولم يره، كقوله: {مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ} [ق: 33] .
{فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ} [المائدة: 94] بعد النهي {فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [المائدة: 94] قال ابن عباس: يوسع ظهره وبطنه جلدا ويسلب ثيابه.