تسرع المشركين إليه وإلى أصحابه، فلما أعزه الله بالمؤمنين قال له: {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: 67] .
والمعنى: بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك مجاهرا به، فإن أخفيت منه شيئا لخوف يلحقك {فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] قال ابن عباس: يقول: إن كتمت آية مما أنزلت إليك لم تبلغ رسالتي.
يعني: أنه إن ترك إبلاغ البعض كان كمن لم يبلغ، وحاشا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن يكتم شيئا مما أوحي إليه، فقد قالت عائشة رضي الله عنها: من زعم أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كتم شيئا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله تعالى يقول {بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} [المائدة: 67] .
وقوله: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] أي: يمنعك أن ينالوك بسوء من قتل أو أسر.
قالت عائشة رضي الله عنها: كان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يحرس حتى نزلت هذه الآية: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} [المائدة: 67] فأخرج النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأسه من القبة، فقال: يأيها الناس انصرفوا عني فقد عصمني الله.
296 - أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْوَاعِظُ، أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُجَيْدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ الْخَلِيلِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلاءِ، حَدَّثَنَا الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا النَّضْرُ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُحْرَسُ وَكَانَ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ يُرْسِلُ كُلَّ يَوْمٍ رِجَالا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ يَحْرُسُونَهُ، حَتَّى نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، فَأَرَادَ عَمُّهُ أَنْ يُرْسِلَ مَعَهُ مَنْ يَحْرُسُهُ، فَقَالَ: يَا عَمَّاهُ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَصَمَنِي مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ