السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {62} لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ {63} وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا وَأَلْقَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ {64} } [المائدة: 54-64] قوله تعالى: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ} [المائدة: 54] وقرأ أهل الحجاز: يرتدد بإظهار دالين، قال الزجاج: وهو الأصل، لأن الثاني إذا سكن من المضاعف ظهر التضعيف نحو إن يمسسكم ويجوز في اللغة: «إن يمسكم» ، لأنه يحرك الثاني بالفتح عند الإدغام.
قال الحسن: علم الله أن قوما يرجعون عن الإسلام بعد موت نبيهم، فأخبر أنه: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] واختلفوا في ذلك القوم من هم؟ فقال علي بن أبي طالب، والحسن، والضحاك، وقتادة، وابن جريج: هم أبو بكر وأصحابه الذين قاتلوا أهل الردة ومنكري الزكاة.
قال قتادة: لما قبض الله نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارتد عامة العرب، إلا أهل مكة وأهل المدينة وأهل البحرين من عبد قيس، فقال المرتدون: أما الصلاة فنصلي، وأما الزكاة فلا تغصب أموالنا، فكلم أبو بكر في ذلك، فقال: والله لا أفرق بين ما جمع الله، قال الله: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] ، والله لو منعوني عقالا مما أدوا إلى رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لقاتلتهم عليه.
فبعث الله عصائب مع أبي بكر، فقاتل على ما قاتل عليه نبي الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حتى أقروا بالماعون وهو الزكاة المفروضة، قال أنس بن مالك: كرهت الصحابة قتال مانعي الزكاة، وقالوا: أهل القبلة، فتقلد أبو بكر سيفه وخرج وحده، فلم يجدوا بدا من الخروج على إثره.