قوله عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} [المائدة: 6] قال زيد بن أسلم: يعني إذا قمتم من النوم.

قال الزجاج: المعنى: إذا أردتم القيام إلى الصلاة كقوله: {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [النحل: 98] المعنى: إذا أردت أن تقرأ.

قال ابن الأنباري: وهذا كما تقول: إذا اتجرت فاتجر في البز، وإذا آخيت فآخ أهل الحسب، يريد: إذا أردت التجارة، وإذا أردت مؤاخاة الناس.

وقوله: {وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} [المائدة: 6] هي جمع مرفق، وهو المكان الذي يرتفق به، أي: يتكأ عليه من اليد، وكثير من النحويين يجعلون إلى ههنا: بمعنى مع، ويوجبون غسل المرفق، وهو مذهب أكثر العلماء.

وقوله: وامسحوا برءوسكم: المسح: مسحك شيئا بيدك كمسح العرق عن جبينك، وكمسحك رأسك في وضوئك.

وظاهر الآية: لا يوجب التعميم في مسح الرأس، لأنه إذا مسح البعض فقد حصل ماسحا، ولا يلتفت إلى قول من قال: إن الباء توجب التعميم، لأن ذلك لا يعرفه أهل النحو.

وقوله: {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} [المائدة: 6] في الأرجل قراءتان: النصب والخفض، أما النصب فهو ظاهر إلا أنه عطف على المغسول، لوجوب غسل الرجلين بإجماع لا يقدح فيه قول من خالف.

وأما الكسر فقال أبو حاتم، وابن الأنباري: الكسر بالعطف على المسح غير أن المراد بالمسح في الأرجل الغسل، روي ذلك عن ابن زيد أنه قال: المسح خفيف الغسل، قالوا: تمسحت للصلاة في معنى توضأت.

قال أبو حاتم: وذلك أن المتوضئ لا يرضى بصب الماء على أعضائه حتى يمسحها مع الغسل فسمي الغسل مسحا.

وعلى هذا: الرأس والرجل ممسوحان، إلا أن المسح في الرجل المراد به الغسل، يدل على ذلك ذكر التحديد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015