وقوله: {وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا} [النساء: 148] أي: لقول المظلوم، عليما: بما في قلبه فليتق الله ولا يقل إلا الحق.
قوله جل جلاله: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا} [النساء: 149] قال ابن عباس: يريد من أعمال البر مثل الصدقة والضيافة، {أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ} [النساء: 149] يأتيك من أخيك المسلم، {فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا} [النساء: 149] لمن عفا، قديرا: على ثوابه.
قوله جل جلاله: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 150] يعني: اليهود كفروا بعيسى والإنجيل، ومحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والقرآن {وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ} [النساء: 150] أي: بين الإيمان بالله ورسله.
ولا يصح الإيمان بالله والتكذيب برسله أو ببعض منهم، وذلك قوله: {وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ} [النساء: 150] لا يصح التصديق ببعض الأنبياء دون البعض لأن كل نبي قد دعا إلى تصديق من بعده من الأنبياء، فإذا كذبوهم فقد كذبوا من تقدم منهم.
وقوله: {وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلا} [النساء: 150] بيْن إيمان ببعض الرسل وكفر ببعض مذهبا يذهبون إليه.
{أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء: 151] ذِكْر حق ههنا: تأكيدٌ لكفرهم، إزالة لتوهم من يتوهم أن إيمانهم ببعض الرسل يزيل عنهم اسم الكفر، ثم نزل في المؤمنين قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ} [النساء: 152] إلى آخر الآية.
{يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا {153} وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {154} } [النساء: 153-154] قوله جل جلاله: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ} [النساء: 153] قال المفسرون: إن اليهود قالوا للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إن كنت صادقا أنك نبي فأتنا بكتاب جملة من السماء كما أتى به موسى فأنزل الله هذه الآية.
وقوله: {فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ} [النساء: 153] يعني: السبعين الذين ذكرنا قصتهم عند قوله: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} [البقرة: 55] ،