قوله جل جلاله: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 144] قال المفسرون: نهى الله المؤمنين أن يوالوا اليهود من قريظة والنضير، وأوعدهم على ذلك بقوله: {أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا} [النساء: 144] حجة بينة في عقابكم بموالاة الكفار؟ أي: إنكم إذا واليتموهم صارت الحجة عليكم في عقابكم.
قوله عز وجل: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ} [النساء: 145] قال ابن عباس: في أسفل النار.
قال الأخفش، وأبو عبيدة: جهنم أدراك، أي: منازل، وكل منزل منها درك.
وقال الضحاك: الدرج: إذا كان بعضها فوق بعض، والدرك: إذا كان بعضها أسفل من بعض.
وقرئ الدرَك بفتح الراء وجزمه وهما لغتان.
قال الزجاج: الاختيار فتح الراء لأنه أكثر في الاستعمال.
وقوله: {وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا} [النساء: 145] أي: مانعا يمنعهم من عذاب الله، من جهة شافعة أو غير ذلك.
{إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النساء: 146] من النفاق، وأصلحوا: العمل لله، واعتصموا بالله: وثقوا به والتجأوا إليه، {وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ} [النساء: 146] من شائب الرياء.
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: المنافقون شر من كفر بالله وأولاهم بمقته.
وأبعدهم من الإنابة إليه لأنه شرط عليهم في التوبة: الإصلاح والاعتصام، ولم يشرط ذلك على غيرهم ثم شرط الإخلاص لأن النفاق ذنب القلب، والإخلاص توبة القلب.
ثم قال: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146] ولم يقل: فأولئك المؤمنون.
أو: من المؤمنين.
غيظا عليهم.
ثم أوقع أجر المؤمنين في التسويف لانضمام المنافقين إليهم، فقال: {وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا} [النساء: 146] .
قوله جل جلاله: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ} [النساء: 147] الآية: ما استفهام معناه التقرير، أي: إن الله لا يعذب الشاكر المؤمن.