قال: وهذا مخاطبة من الله تعالى للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والمراد به أصحابه والنبي من ذلك بريء.
قال الزجاج: هذا خطاب للنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يراد به الخلق، ومخاطبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تكون للناس جميعا، لأنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لسانهم.
ومعنى {مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ} [النساء: 79] أي: ما أصبتم من غنيمة أو أتاكم من خصب فمن تفضل الله عليك، {وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ} [النساء: 79] أي: من جدب وهزيمة في حرب، فمن نفسك أي: أصابكم ذلك بما كسبت أيديكم.
وقال قتادة: فمن نفسك عقوبة لذنبك يابن آدم، وكذلك قال الحسن، والسدي، وابن جريج، والضحاك: فمن نفسك فبذنبك، وهذا كقوله: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} [الشورى: 30] ، والحسنة تكون بمعنى الخصب، والسيئة: بمعنى الجدب، قال الله تعالى: {وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الأعراف: 168] يعني: الخصب والجدب.
ولا تعلق للقدرية بهذه الآية، لأن الحسنة والسيئة المذكورتين ههنا لا ترجعان إلى الطاعة والمعصية، واكتساب العباد بحال، لأن الحسنة التي يراد بها الخير والطاعة لا يقال فيها: أصابتني.
إنما يقال: أصبتها.
وليس في كلام العرب: أصابت فلانا حسنة، على معنى: عمل خيرا، وكذلك: أصابته سيئة، على معنى: عمل معصية، غير موجود في كلامهم، إنما يقولون: أصاب سيئة إذا عملها واكتسبها.
قوله: {وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولا} [النساء: 79] قال ابن عباس: يريد أنك قد بلغت رسالاتي، {وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا} [النساء: 79] على ما بلغت من رسالات ربك.
قوله جل جلاله: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] قال ابن عباس: يريد: إن طاعتكم لمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طاعة لله.
وقال الحسن: جعل الله طاعة رسوله طاعته، وقامت به الحجة على المسلمين.
وذكر الشافعي في الرسالة، في باب فرض طاعة الرسول هذه الآية، وقال: إن كل فريضة فرضها الله في كتابه كالحج والصلاة والزكاة، لولا بيان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما كنا نعرف كيف نأتيها، ولا كيف يمكننا أداء شيء من العبادات،