معناه فِي اللغة: المنع، ومنه قوله: أحصنت فرجها أَيّ: منعته عَنْ الزنا.
وقوله: {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} [النساء: 25] أَي زنا، {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} [النساء: 25] أَي عليهن نصف الحد، والمحصنات ههنا: الأبكار اللاتي أحصنهن العفاف، وحدهن مائة، ويتنصف فِي حق الأمة إذا زنت.
وقوله: ذَلِكَ يعني: نكاح الأمة عِنْد عدم الطوْل، {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] يعني: الزنا وَهُوَ أن يخاف شدة الشبق والغلمة عَلَى الزنا، فيلقى العذاب فِي الآخرة، أَوْ الحد فِي الدُّنْيَا.
أباح اللَّه نكاح الأمة بشرطين: أَحَدهمَا فِي أول الآية، وَهُوَ عدم الطول، والثاني فِي آخر الآية وَهُوَ خوف العنت.
ثُمّ قَالَ: وأن تصبروا أَيّ: عَنْ تزوج الإماء، خير لَكُمْ: لئلا يصير الولد عبدا، {وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [النساء: 25] .
قوله جلَّ جلاله: {يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} [النساء: 26] قَالَ ابْن عَبَّاس: ليبين لَكُمْ ما يقربكم إلى طاعته.
وقَالَ غيره: ليبين لَكُمْ شرائع دينكم، ومصالح أموركم.
{وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [النساء: 26] يريد: دين إِبْرَاهِيم وإسماعيل، دين الحنيفية، ويتوب عليكم: يرجع بكم من معصيته التي كنتم عَلَيْهَا قبل هَذَا إلى طاعته التي أمركم بها، والله عليم بما يصلحكم، حكيم فِي تدبيره فيكم.
{وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ} [النساء: 27] يخرجكم من كُلّ ما يكره إلى ما يحب ويرضى، {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ} [النساء: 27] قَالَ مُجَاهِد: هُمْ الزناة يريدون أن يزني أَهْل الْإِسْلَام، وَهُوَ قوله: {أَنْ تَمِيلُوا مَيْلا عَظِيمًا} [النساء: 27] .
وقَالَ ابْن زَيْد: هُمْ جميع أَهْل الباطل فِي دينهم، يريدون أن تميلوا ميلا عظيما عَنْ الحق وقصْد السبيل بالمعصية فتكونوا مثلهم.
{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28] يعني: فِي أحكام الشرع، وَفِي جميع ما يسَّره اللَّه لنا، وسهَّله علينا، وَلَم يثقل التكليف كَمَا ثقل عَلَى بني إسرائيل.