بالصبر على ذلك، وفيهم أنزل الله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [آل عمران: 186] الآية.
وقوله: وإن تصبروا على الأذى الذي ينالكم، وتتقوا بترك المعارضة، {فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [آل عمران: 186] أي: مما يعزم عليه من الأمر، لظهور رشده، وكان هذا قبل نزول آية السيف.
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187] قوله: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [آل عمران: 187] الآية، نزلت في يهود المدينة أخذ الله ميثاقهم في التوراة ليبينن شأن محمد ونعته ومبعثه ولا يخفونه، وهو قوله: {لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ} [آل عمران: 187] .
قال الحسن: هذا مثال ميثاق الله تعالى على علماء أهل الكتاب أن يبينوا للناس ما في كتابهم، وفيه ذكر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والإسلام.
وتقرأ هذه الآية بالياء على الغيبة، وبالتاء على حكاية المخاطبة التي كانت في وقت أخذ الميثاق، ومثله قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لا تَعْبُدُونَ} [البقرة: 83] بالياء والتاء.
وقوله: {فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ} [آل عمران: 187] قال ابن عباس: أي: ألقوا ذلك الميثاق خلف ظهورهم.
{وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 187] يعني: ما كانوا يأخذونه من سفلتهم برئاستهم في العلم.
وقوله: {فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} [آل عمران: 187] قال ابن عباس: قبح شراؤهم وخسروا.
{لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ