قوله: {ولهم عذاب أليم} : الأليم بمعنى: المؤلم، كالسميع بمعنى المسمع، وهو العذاب الذي يصل وجعه إلى قلوبهم.

قوله: {بما كانوا يكذبون} : «ما» : فِي تأويل المصدر، أي: بتكذيبهم وبكونهم مكذبين.

وقرأ أهل الكوفة يكذبون بالتخفيف، من الكذب، وهو أشبه بما قبله وما بعده لأن ما قبله: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ} [البقرة: 8] ، وهذا كذب منهم، وبعده قوله: {وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ} [البقرة: 14] ، وهذا يدل على كذبهم فِي دعوى الإيمان.

وقال ابن عباس: {بِمَا كَانُوا يكذّبُونَ} [البقرة: 10] يعني: تكذيب الأنبياء.

قال: ومن خففها فالمراد أنهم يتكلمون بما يعلم الله خلافه فِي قلوبهم، كقوله تعالى: {يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ} [آل عمران: 167] .

{وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ {11} أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ {12} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ {13} وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِءُونَ {14} اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15} أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ {16} } [البقرة: 11-16] قوله: {وإذا قيل لهم} : موضع «إذا» من الإعراب نصب، لأنه اسم للوقت، كأنك قلت: وحين قيل لهم، أو يوم قيل لهم.

وقيل: كان فِي الأصل: قُوِل، فنقلت كسرة الواو إلى القاف، فسكنت الواو وانكسر ما قبلها فصارت ياءً.

والكسائي يُشِمُّ قيل وأخواتِه الضمَّ، ليدل بذلك على أنه كان فِي الأصل «فعل» .

ومعنى الآية {وإذا قيل لهم} يعني: لهؤلاء المنافقين، {لا تفسدوا فِي الأرض} بالكفر وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، {قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11] يظهرون هذا القول كذبا ونفاقا، كما أنهم قالوا: آمنا وهم كاذبون.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015