يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ أَحَبَّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، وَلا يُعْطِي الدِّينَ إِلا مَنْ أَحَبَّ فَمَنْ أَعْطَاهُ الدِّينَ فَقَدْ أَحَبَّهُ» .
ثم أخبر عن الكفار، فقال: {بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ} [الفجر: 17] قال مقاتل: كان قدامة بن مظعون يتيمًا في حجر أمية بن خلف، فكان يدفعه عن حقه.
والآية تحتمل معنيين: أحدهما: أنهم لا يبرونه، ولا يحسنون إليه، والآخر: أنهم لا يعطونه حقه من الميراث، على ما جرت به عاداتهم من حرمان اليتيم ما كان له من الميراث، ويدل على هذا المعنى قوله: {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} [الفجر: 19] ويدل على المعنى الأول قوله: {وَلا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} [الفجر: 18] أي: لا يأمرون بإطعامه، ومن قرأ لا تحاضون أراد لا يتحاضون فحذف الياء، والمعنى: لا يحض بعضكم بعضًا.
وتأكلون التراث أصله الوراث، فأبدلت من الواو المضمومة تاء، أكلًا لما شديدًا، أي: تلمون جميعه في الأكل، قال الحسن: يأكل نصيبه ونصيب اليتيم، وذلك أنهم كانوا لا يورثون النساء والصبيان، ويأكلون أموالهم.
{وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} [الفجر: 20] كثيرًا، شديدًا، والمعنى: يحبون جمع المال، ويولعون به، فلا ينفقونه في خير.
قال الله تعالى: {كَلَّا إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا {21} وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا {22} وَجِيءَ يَوْمَئِذٍ بِجَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى {23} يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي {24} فَيَوْمَئِذٍ لا يُعَذِّبُ عَذَابَهُ أَحَدٌ {25} وَلا يُوثِقُ وَثَاقَهُ أَحَدٌ {26} يَأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ {27} ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً {28} فَادْخُلِي فِي عِبَادِي {29} وَادْخُلِي جَنَّتِي {30} } [الفجر: 21-30] .
كلا قال مقاتل: أي: لا يفعلون ما أمروا في اليتيم والمسكين.
ثم خوفهم بقوله: {إِذَا دُكَّتِ الأَرْضُ دَكًّا دَكًّا} [الفجر: 21] كسر كل شيء عليها من جبل، أو بناء، أو شجر حين زلزلت، فلم يبق على ظهرها شيء، قال ابن قتيبة: دقت جبالها وأنشازها حتى استوت.
{وَجَاءَ رَبُّكَ} [الفجر: 22] قال ابن عباس في رواية الكلبي، والحسن: وجاء أمر ربك، وقضاء ربك، لأن في يوم القيامة