ومن شدد جعل لما بمعنى إلا، تقول: سألتك لما فعلت.
بمعنى إلا فعلت.
ثم نبه على البعث، بقوله: فلينظر الإنسان قال مقاتل: يعني: المكذب بالبعث.
مم خلق من أي شيء خلقه الله، والمعنى: فلينظر نظر التفكر والاستدلال، حتى يعرف أن الذي ابتدأه من نطفة قادر على إعادته.
ثم ذكر من أي شيء خلقه، فقال: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] قال ابن عباس: يعني: المني الذي يكون منه الولد، وهو ماء مهراق في رحم المرأة.
والدفق صب الماء، يقال: دفقت الماء.
أي: صببته، و {دَافِقٍ} [الطارق: 6] ههنا بمعنى: مدفوق، قال الفراء: وأهل الحجاز يجعلون الفاعل بمعنى المفعول في كثير من كلامهم، كقولهم: سر كاتم، وهمّ ناصب، وليل نائم.
وذكرنا مثل هذا عند قوله: {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ} [هود: 43] : ثم وصف ذلك الماء، فقال: {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 7] وهي موضع القلادة من الصدر، واحدها تريبة.
قال عطاء: يريد صلب الرجل، وترائب المرأة، لا يكون إلا من الماءين.
{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: 8] قال مجاهد: على أن يرد الماء في الإحليل.
وقال عكرمة، والضحاك: على أن يرد الماء في الصلب.
وقال مقاتل بن حيان: يقول: إن شئت رددته من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الصبى، ومن الصبى إلى النطفة.
وقال قتادة: إن الله تعالى على بعث الإنسان وإعادته لقادر.
وهذا هو الاختيار، لقوله: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: 9] أي: إنه قادر على بعثه يوم القيامة، ومعنى الرجع: رد الشيء إلى أول حاله، و {تُبْلَى} [الطارق: 9] قال قتادة: تختبر.
وقال مقاتل: تظهر.
والسرائر: أعمال بني آدم، والفرائض التي أوجبت عليهم، وهي سرائر بين الله وبين